قال الحسن لرجل: "داوِ قلبَك، فإن حاجة الله إلى العباد صلاح قلوبهم - يعني: مراده منهم ومطلوبه صلاح قلوبهم- فلا صلاح للقلوب حتى تستقر فيها: معرفةُ الله، وعظمتُه، ومحبَّتُه، وخشيتُه ومهابتُه ورجاؤه، والتوكُّل عليه، وتمتلئ من ذلك، وهذا هو حقيقة التوحيد وهو معنى (لا إله إلا الله)".
أما أمراض القلوب، فهي إما شهوات أو شبهات، ولا شفاء لها إلا بقراءة وتدبُّر القرآن والعمل به؛ قال تعالى: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾ [الإسراء: 82].
وللقلوب أعمال محمودة منها:
المحبة، والخوف، والخشية، والخشوع، والرجاء، والصدق، والتوبة، والإنابة، والتوكل، والرضا، والرغبة، والرهبة.
وللقلوب صفات مذمومة منها:
الحسد، والظلم، والحقد، والخبث، والمكر، والحيلة، والغضب، والشح.
فإن القلب يفسد كما يفسد الزرع بما ينبت فيه من الدغل، قال تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ﴾ [الشمس: 9].
يقول ابن القيم رحمه الله: "من أدمن قول: يا حي يا قيوم، لا اله إلا أنت، أورثه ذلك حياة القلب والعقل"، ويقول أيضًا: "قد يهجم على قلب السالك قبضٌ لا يدري ما سببه، وحكم هذا القبض أمران:
1- التوبة والاستغفار؛ لأن ذلك القبض نتيجة جناية أو جفوة، ولا يشعُر بها.
2- الاستسلام حتى يمضـي عنه ذلك الوقت، ولا يتكلف دفعه، ولا يستقبل وقته مغالبة وقهرًا".
قال ابن الأعرابي: "أخْسَـرُ الخاسـرين مَنْ أبدى للناس صالحَ أعماله، وبارزَ بالقبيح من هو أقرب إليه من حبل الوريد".
فالقلب يجب أن يتعاهده كما يتعاهد ملبسه ومأكله ومشـربه؛ بل أعظم من ذلك.
ومن علامات صحة القلب ونجاته أمور منها:
1- أنه لا يزال يضـرب على صاحبه حتى يتوب إلى الله تعالى وينيب.
2- أنه لا يفتر عن ذكر ربِّه، ولا يفتر عن عبادته.
3- أنه إذا فاتته طاعة وجد لفواتها ألَمًا أشدَّ من فوات ماله.
4- أنه يجد لذَّةً في العبادة أشدَّ من لذة الطعام والشـراب.
5- أنه إذا دخل في الصلاة ذهب همُّه وغمُّه.
6- أنه أشح بوقته أن يضيعه من الشَّحيحِ بماله.