المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لسياسة السعودية الجديدة بين الاختيار والضرورة


- فتنہۧ آلحـوُر ❖
26-11-2016, 09:51 PM
منذ تولى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم، ظهرت في الأفق وتبلورت يومًا بعد يوم، سياسة سعودية جديدة خارجيًا وداخليًا، تعتمد على “تغيير الواقع والمستقبل لصالحك، بدلًا من ترك الأوضاع تسيرك وتصنع مصيرك”، وانتهاج الردع والردع الاستباقي بديلًا لرد الفعل، والمبادرة بديلًا للهدوء والتريث الطويل نسبيًا، والانفتاح على العالم الخارجي، انطلاقًا من القاعدة الخليجية إلى فضاء أرحب عربيًا وإسلاميًا وعالميًا، وهجر سياسة الحليف الأوحد، على المستوى الخارجي.

بينما تجلت سياسة المملكة الجديدة داخليًا في السعي لتنويع مصادر الدخل الوطني، استعدادًا لحقبة ما بعد النفط، ومحاولة ترشيد الإنفاق الحكومي، وتقليل فاتورة الدعم، وإفساح المجال للقطاع الخاص مع دفعه للقيام بدوره ومسؤولياته الاجتماعية، وتعزيز دور المرأة السعودية سواء سياسيًا أو اقتصاديًا واجتماعيًا، وتفعيل مشاركة الشباب في كل المجالات.

مظاهر السياسة الجديدة
خارجياً
تجلت أبرز مظاهر السياسة السعودية الجديدة خارجيًا في قيادة المملكة تحالف عربي لنصرة الشرعية ومواجهة ذيول إيران في اليمن، وقطعها العلاقات السياسية والتجارية مع إيران وحظر سفر السعوديين إليها، ورفضها الحلول القائمة على بقاء الأسد في السلطة، ودعمها المتنامي للمعارضة، وإعلانها الاستعداد للتدخل العسكري في سوريا في حال تشكيل تحالف لإنجاز المهمة، ووقفها لمنحة قيمتها أربعة مليارات دولار، كانت مخصصة للجيش وقوى الأمن اللبناني بسبب مواقف بيروت غير المساندة للرياض في أزمتها مع إيران، وتشكيل قوة عسكرية عربية مشتركة، بهدف التصدي لكل صور الإرهاب وتشكيلاته في إطار قانوني يستند على معاهدة الدفاع العربي المشترك، وتأسيس تحالف إسلامي عسكري يضم 39 دولة، لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، انطلاقًا من مقره في الرياض، واستنادًا إلى أحكام اتفاقية منظمة التعاون الإسلامي، ونظمت المملكة المناورة العسكرية الكبرى لدول التحالف الإسلامي ضد الإرهاب “رعد الشمال” بمشاركة ٣٥٠ ألف جندي من دول عربية وخليجية وإسلامية بقيادتها، وبمشاركة 2540 مقاتلة حربية و20 ألف دبابة و460 هليكوبتر هجومية، شاركت على مدى 18 يومًا في مناورات، وصفت بأنها الأضخم في تاريخ المنطقة.

ووسعت المملكة “وفق سياستها الجديدة” مجال انفتاحها على مراكز القوى الجديدة في العالم، وطورت علاقتها خاصة مع روسيا والصين ودول شرق آسيا ودول أخرى، بعدما أثبتت الأحداث “وأبرزها الربيع العربي والاتفاق النووي الغربي الإيراني” أنه لا صداقة دائمة أو عداوة مستمرة، ولكن الاستمرار للمصالح، وبالتالي لا جدوى من الاعتماد على “حليف أوحد”.

* داخلياً

كانت أهم محطات السياسة السعودية الجديدة داخليًا، إعادة هيكلة أجهزة صنع القرار، بإلغاء 14 مجلسًا، يدير جوانب مختلفة من قطاعات الدولة، وتشكيل مجلسين يتوليان دراسة وصناعة القرار السياسي في شتى المجالات، هما مجلس الشؤون السياسية والأمنية برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن نايف، ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وجاءت رؤية المملكة 2030 مترجمة لتطلعات المملكة، وشملت برامج اقتصادية واجتماعية وتنموية تستهدف التجهيز لمرحلة ما بعد النفط، وتنويع مصادر الدخل، وعلى ضوئها ظهر توجه تطوير الصندوق السيادي، لتصبح الاستثمارات المصدر الرئيسي للدخل، وسيدير الصندوق استثمارات بأكثر من تريليوني دولار ليلعب دورًا رئيسًا في تحريك الاقتصاد عن طريق الاستثمار محليًا ودوليًا، وأيضًا تأسيس صندوق قابض “صندوق الصناديق” برأسمال أربعة مليارات ريال، لدعم وتحفيز الفرص الاستثمارية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة.

ولضغط النفقات، وعبور المرحلة الانتقالية “من النفط إلى الاستثمارات” رُفعت بعض أسعار المنتجات والخدمات والرسوم والعوائد، وخفضت رواتب الوزراء وأعضاء مجلس الشورى، وأوقفت وأولغيت بعض العلاوات والمزايا المالية لمنسوبي الوزارات والقطاعات الحكومية.

واعتمد معيار الكفاءة في إسناد الأدوار والمناصب، واتجه القرار الاستراتيجي في مختلف المجالات، إلى سياسة الحسم والحزم، والدفع بالشباب للمقدمة، وأصبحت المرأة السعودية، بنهاية 2015، ناخبة ومرشحة للمرة الأولى في تاريخها، بل فازت 20 سيدة في الانتخابات البلدية.

وتبذل المملكة جهودًا متواصلة لتحقيق التوازن بين الطبيعة الخاصة للبلاد المستندة على الالتزام بالشريعة الإسلامية، وبين تطوير هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي سبيل ذلك اتخذت قرارات لإعادة ضبط الاختصاصات وتحديد الصلاحيات والمسؤوليات.

ولاشك أن الطريق مازال طويلًا لتحقيق تطلعات القيادة والشعب في تغيير بنية الدولة الاقتصادية مع الاستمرار في التنمية المستدامة بوتيرة أسرع، وتحقيق مستويات منشودة من الرفاهية للمجتمع، وذلك يتطلب بالقطع مدى زمنيًا أطول.

السؤال المفصلي
السؤال الأكثر إلحاحًا: هل كانت السياسة السعودية الجديدة.. اختيارًا أم ضرورة، بمعنى أكثر بيانًا وتفصيلًا: هل كانت اختيارًا ضروريًا حتميًا لا مفر منه للحفاظ على وجود وأمن واستقرار المملكة ؟ أم كانت في الجعبة خيارات أخرى مساوية في الآثار والتبعات والمخاطر، أو ربما أكثر نجاعة ؟؟

خريطة الخارج.. إيران وداعش
بعد تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، الحكم بفترة قصيرة، كانت إيران قد طوقت السعودية وكل منطقة الخليج العربي من كل الجهات تقريبًا، إيران موجودة في اليمن عبر الحوثيين، وفي العراق منذ سنوات، وأصبحت اللاعب الأهم هناك، وقواتها تقاتل مع بشار الأسد ضد المعارضة، وحزب الله لا يزال اللاعب الأبرز في لبنان، ومتهم بقتل رفيق الحريري، وحتى في غزة السنية هناك حماس ذات العلاقات الجيدة مع إيران، والعلاقات المتذبذبة مع الرياض، وكانت طهران مستمرة في إثارة الفتن والتمدد في البحرين والكويت ودول أخرى في الخليج وغيرها، والمعنى أنها تحاصر المنطقة من كل جانب، بل وتحاول جذب أنصار في المنطقة الشرقية للسعودية.

وزادت المخاطر الإيرانية على السعودية والخليج وكل المنطقة العربية بإبرام الاتفاق النووي الإيراني الغربي، وما يتردد عن تسليم طهران مفاتيح المنطقة في استعادة للمشهد الأمريكي الإيراني قبل انهيار نظام الشاه محمد رضا بهلوي عام 1979، وما يتواتر أيضًا عن وجود تنسيق خفي بين واشنطن وطهران للاستفادة من نفوذ الأخيرة في سوريا والعراق للتصدي لتنظيم داعش الإرهابي وغيره من الجماعات المتطرفة، ومما يزيد المخاطر الإيرانية، شعور طهران بفائض قوة “خزنته طيلة سنوات الحظر والعقوبات الغربية”.

أما داعش، فكان خطرها يتزايد داخل المملكة عن طريق تجنيد بعض المراهقين المغرر بهم.

وكانت سيطرتها على مدينة الرمادي في محافظة الأنبار العراقية، مصدر تهديد مباشر للأمن الوطني لثلاث دول جوار تتشارك حدودًا طويلة مع العراق، هي: السعودية والأردن والكويت.

وتجاوزت مخاطر داعش الطابع الأمني البحت، وتحولت إلى تهديد لهوية، الدولة الوطنية في البلدان التي يصل إليها، بما فيها دول الخليج، بلعب التنظيم على وتر الانقسام وبث الفتنة الطائفية، بإعلانه استهداف الشيعة في جزيرة العرب، وبدا ذلك جليًا حين استهدفت تفجيراته الإرهابية مساجد لأبناء المذهب الشيعي في كل من السعودية والكويت، وهذه الأيديولوجية، في حال نجاحها، تنذر بشق الصف الوطني والإضرار باللحمة المجتمعية، وتهديد هوية الدولة الوطنية في دول الخليج التي يعد المكون الشيعي أحد عناصر نسيجها المجتمعي.

وخريطة الداخل
كانت التنظيمات الإرهابية “داعش والقاعدة وغيرها” ولا تزال، تمثل قلقًا أمنيًا كبيرًا .

وكانت “ولا تزال” التحديات قائمة في المنطقة الشرقية، ولا تتورع إيران عن التحريض وزعزعة الأمن هناك، في سياق تنفيذ مخططاتها.

وخسرت المملكة نصف عائداتها النفطية تقريبًا، بسبب هبوط أسعار البترول إلى النصف تقريبًا، وبلغت تقديرات عجز الميزانية السعودية عام 2015 نحو 367 مليار ريال (97.9 مليار دولار)، وترتب على ذلك تجميد بعض مشروعات البنية التحتيه، وزيادة أسعار الطاقة والكهرباء والمياه وبعض الرسوم والخدمات والعوائد.

وتحتل المملكة المرتبة الثالثة عالميًا من حيث نسبة السكان دون الـ 29 سنة بواقع 13 مليون من الجنسين، وبنسبة 67% من السكان، وتتميز السعودية بأنها دولة شابه طبقًا لهذه النسبة، ولكن هذا يؤدي إلى زيادة الضغوطات بشكل ملحوظ على التعليم والتوظيف والإسكان.

ونسبة البطالة بين الشباب في السعودية أعلى من معدلاتها في دول نظيرة، وتشير دراسات حديثة إلى أن المملكة ستكون في حاجة إلى حوالي 3.5 مليون فرصة عمل جديدة بحلول 2020.

كما تشكل الإصلاحات الاجتماعية وتلك المتعلقة بالحريات العامة ملفًا مفتوحًا، وتظل أمور المرأة هاجسًا، لاستكمال مسيرة الدولة الإيجابية لتمكين المرأة، وتعزيز مشاركتها المجتمعية.

خلاصة وخاتمة
من يتوانون في مواجهة الأخطار، ستداهمهم المخاطر في عقر دارهم، ومن لا يستخدمون أو يفعلون مكامن ومصادر قوتهم وقت الحاجة إليها، سيندمون في زمن لن يفيد فيه الندم، وبالتالي إذ لم تبادر المملكة إلى انتهاج سياستها الجديدة، وداومت على سياسة رد الفعل، والهدوء والتريث، كانت ستحارب داخل حدودها بدلًا من المواجهة خارج الحدود، وكانت ستظل أسيرة ورهينة لتقلبات أسعار النفط، ولظل اقتصادها بدائيًا ريعيًا، في وقت تتحول فيه دول أقل كثيرًا في الموارد والإمكانات إلى دول ناهضة ومتقدمة.

إن السياسة السعودية الجديدة القائمة على “تغيير الواقع والمستقبل لصالحك، بدلًا من ترك الأوضاع تسيرك وتصنع مصيرك”، واستخدام كل مصادر القوة المتاحة، بما فيها القوة الخشنة، وتحقيق تنوع الاقتصاد وتوازنه كان اختيار الضرورة وضرورة الاختيار، للحفاظ على وجود وأمن واستقرار المملكة.

صعب المنال
26-11-2016, 10:12 PM
يعطيك العافيه على نقل الخبر

الراقي
26-11-2016, 11:12 PM
يعطيك العافية على الطرح المميز

خالد الشاعر
26-11-2016, 11:33 PM
مشكوره على نقل الخبر والمتابعه
لكى خالص تحياتى

حكآية روحْ ❤
27-11-2016, 11:44 PM
يعطيك العافية على المتابعه

بلسم الروووح
28-11-2016, 08:09 PM
مشكوره ع نقلك للخبر والمتابعة

يعطيك العافييه

ارق التحايا

دلع ربآني
25-01-2017, 03:56 PM
,*

سلمتٍ علَى جلبْ آلخبّر


*,

روح أنثى
15-05-2017, 10:38 PM
يعطيك العافيه على نقل الخبر