|
#1
|
|||||||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||||||
هل قتل خالد بن الوليد مسلما وتزوج امرأته لحبه لها كما يزعمون ؟
هل قتل خالد بن الوليد مسلما وتزوج امرأته لحبه لها كما يزعمون ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قديما في زمن الصديق رضي الله عنه حدثت مصيبة كبيرة وهي ارتداد كثيرون عن الإسلام إما بادعاء النبوة أو بمنعهم الزكاة (فقد فرقوا بين الصلاة والزكاة) وإما بمن عاد منهم للجاهلية فعبد الأوثان وكان ممن ادعى النبوة امرأة تسمى سجاح بنت الحارث من قبيلة تغلب وقد تبعها ناس من قومها ومن غيرهم (أمثال بعض الناس من قبيلة تميم) وممن تبعها من تميم رجل اسمه مالك بن نويرة استطاع رجال خالد بن الوليد أن يأسروه ثم تم قتله وقد دار جدل حول مقتل هذا الرجل ووجه البعض اتهامات لخالد بن الوليد رضي الله عنه في هذا الشأن وقد تناول الشيخ الصلابي فيكتابه (الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق) هذا الأمر بإيجاز جميل فهيا نسمع ما قاله لنبرئ ساحة هذا الصحابي الجليل خالد بن الوليد (لا يصرفنك طول الموضع نوعا ما عن إكماله فهذا عرض صحابي علينا أن نعرف حقيقة براءته لنعلم غيرنا فهؤلاء حملوا لنا الدين على طبق من ذهب اقتداءا بنسة صاحبهم صلى الله عليه وسلم فدافع عن أصحاب حبيبك عليه الصلاة والسلام) قال الصلابي : (اختلفت الآراء في مقتل مالك بن نويرة اختلافًا كثيرًا: أقتل مظلومًا أم مستحقًا؛ أي أكافرًا قتل أم مسلمًا؟ وقام الدكتور على العتوم بتحقيق هذه المسألة في كتابه «حركة الردة» وتعرض الشيخ محمد الطاهر بن عاشور في كتابه «نقد علمي لكتاب الإسلام وأصول الحكم» لهذه القضية (3)، وقام الشيخ محمد زاهد الكوثري بالدفاع عن خالد في كتابه (مقالات الكوثري) (4)، وغير ذلك من الباحثين، واخترت من بين من بحث هذا الموضوع ما ذهب إليه الدكتور على العتوم؛ لأنه حقق المسألة تحقيقًا علميًا متميزًا، واهتم بأحداث الردة اهتمامًا لم أجده -على حسب اطلاعي- عند أحد من الباحثين المعاصرين، وخرج بنتيجة أوافقه عليها: أن الذي أردى مالكا كبره وتردده؛ فقد بقي للجاهلية في نفسه نصيب وإلا لما ماطل هذه المماطلة في التبعية للقائم بأمر الإسلام بعد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وفي تأدية حق بيت مال المسلمين المتمثل بالزكاة. وفي تصوري أن الرجل كان يحرص على زعامته ويناكف -في الوقت نفسه- بعض أقربائه من زعماء بني تميم الذين وضعوا عصا الطاعة للدولة الإسلامية، وأدوا ما عليهم لها من واجبات، وقد كانت أفعاله وأقواله على السواء تؤيد هذا التصور، فارتداده ووقوفه بجانب سجاح وتفريقه إبل الصدقة على قومه، بل ومنعهم من أدائها لأبي بكر وعدم إصاخته لنصائح أقربائه المسلمين في تمرده، كل ذلك يدينه ويجعل منه رجلا أقرب إلى الكفر منه إلى الإسلام. ولو لم يكن مما يحتج به على مالك إلا منعه للزكاة لكفى ذلك مسوغًا لإدانته، وهذا المنع مؤكد عند الأقدمين؛ فقد جاء في «طبقات فحول الشعراء» لابن سلام قوله: والمجمع عليه: أن خالدًا حاوره ورادَّه، وإن مالكا سمح بالصلاة والتوى بالزكاة. (1) جاء في «شرح النووي لصحيح مسلم» قوله عن المرتدين: كان في ضمن هؤلاء من يسمح بالزكاة ولا يمنعها إلا أن رؤساءهم صدوهم عن ذلك، وقبضوا على أيديهم في ذلك كبني يربوع، فإنهم قد جمعوا صدقاتهم وأرادوا أن يبعثوها إلى أبي بكر - رضي الله عنه - فمنعهم مالك بن نويرة من ذلك وفرَّقها (2). زواج خالد بأم تميم: أم تميم هي ليلى بنت سنان المنهال زوج مالك بن نويرة، وهذا الزواج حدث حوله جدل كثير، واتهم من لهم أغراض خالدًا بعدة تهم لا تصح ولا تثبت أمام البحث العلمي النزيه. وخلاصة القصة: فهناك من اتهم خالدًا بأنه تزوج أم تميم فور وقوعها في يده لعدم صبره على جمالها ولهواه السابق فيها، وبذلك يكون زواجه منها -حاشا لله - سفاحًا، فهذا القول مستحدث لا يعتد به (3)؛ إذ خلت المصادر القديمة من الإشارة إليه، بل هي على خلافه في نصوصها الصريحة، يذكر الماوردي أن الذي جعل خالد يقوم على قتل مالك هو منعه للصدقة التي استحل بها دمه، وبذلك فسد عقد المناكحة بينه وبين أم تميم (4)، وحكم نساء المرتدين إذا لحقن بدار الحرب أن يسبين ولا يقتلن، كما يشير إلى ذلك الإمام السرخسي. (5) فلما صارت أم تميم في السبي اصطفاها خالد لنفسه، فلما حلت بنى بها. (1) ويعلق الشيخ أحمد شاكر على هذه المسألة بقوله: إن خالدًا أخذها هي وابنها ملك يمين بوصفها سبية؛ إذ أن السبية لا عدة عليها، وإنما يحرم حرمة قطعية أن يقربها مالكها إن كانت حاملاً قبل أن تضع حملها، وإن كانت غير حامل حتى تحيض حيضة واحدة ثم دخل بها، وهو عمل مشروع جائز لا مغمز فيه ولا مطعن إلا أن أعداءه والمخالفين عليه رأوا في هذا العمل فرصتهم فانتهزوها، وذهبوا يزعمون أن مالك بن نويرة مسلم وأن خالدًا قتله من أجل امرأته. (2) وقد اتهم خالد بأنه في زواجه هذا خالف تقاليد العرب، فقد قال العقاد: قتل خالد مالكَ بن نويرة وبنى بامرأته في ميدان القتال على غير ما تألفه العرب في جاهلية وإسلام، وعلى غير ما يألفه المسلمون وتأمر به الشريعة. (3) فهذا القول بعيد عن الصحة؛ فقد كان يحصل كثيرًا في حياة العرب قبل الإسلام إثر حروبهم وانتصاراتهم على أعدائهم أن يتزوجوا من السبايا، وكانوا يفخرون بذلك، ولذلك كثر فيهم أولاد السبايا، وهذا حاتم الطائي يقول: وماأنكحونا طائعين بناتهم ... ولكن خطبناها بأسيافنا قسرا وكائن ترى فينا من ابن سبية ... إذا لقي الأبطال يطعنهم شزرا ويأخذ رايات الطعان بكفه ... فيوردها بيضاء ويصدرها حمرا (4) وأما من الناحية الشرعية فقد أتى خالد أمرًا مباحًا وسلك إليه سبيلا مشروعة أتاه من هو أفضل منه، فإذا كان قد أخذ عليه زواجه إبان الحرب أو في أعقابها، فإن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تزوج بجويرية بنت الحارث المصطلقية إثر غزوة المريسيع، وقد كانت في سبايا بني المصطلق فقضى عنها كتابتها وتزوجها، وكان بها طابع يمن وبركة على قومها؛ إذ أعتق لهذا الزواج مائة رجل من أسراهم لأنهم أصبحوا أصهارًا لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان من آثاره المباركة كذلك إسلام أبيها الحارث بن ضرار. (5) كما أنه عليه الصلاة والسلام تزوج بصفية بنت حيي بن أخطب إثر غزوة خيبر وبنى بها في خيبر أو ببعض الطريق (1)، وإذا كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الأسوة الحسنة فقد توارى العتاب وانقطع الملام. (2) ودفاع الدكتور محمد حسين هيكل عن خالد اتبع فيه منهجية غير مقبولة؛ لأنه ينبغي لنا أن لا نغض الطرف عن مخالفات خالد على حساب الإسلام، فخالد وغيره محكوم بالشرع الذي يعلو ولا يعلى عليه، وإن تنزيه الأشخاص لا يساوي تشويه المنهج بأية حال، فقد قال الدكتور هيكل: وما التزوج من امرأة على خلاف تقاليد العرب بل ما الدخول بها قبل أن يتم تطهيرها إذا وقع ذلك من فاتح غزا فحق له بحكم الغزو أن تكون له سبايا يصبحن ملك يمينه!! إن التزمت في تطبيق التشريع لا ينبغي أن يتناول النوابغ العظماء من أمثال خالد، وبخاصة إذا كان ذلك يضر بالدولة أو يعرضها للخطر. (3) ورد الشيخ أحمد شاكر بهذا الخصوص فقال: لشد ما أخشى أن يكون المؤلف تأثر بما قرأ من أخبار نابليون وغيره من ملوك أوربا في مباذلهم وإسفافهم، وبما كتب الكاتبون من الإفرنج في الاعتذار عنهم لتخفيف آثامهم بما كان لهم من عظمة وبما أسدوا إلى أممهم من فتوح وأياد، حتى يظن بالمسلمين الأولين أنهم أمثال هؤلاء فيقول: إن التزمت في تطبيق التشريع لا يجب أن يتناول النوابغ العظماء من أمثال خالد، وهذا قول يهدم كل دين وخلق (4). د- دعم الصديق للقيادة الميدانية: كان بعض رجال من جيش خالد قد شهدوا أن القوم أذنوا حين سمعوا أذان المسلمين، وأنهم بذلك قد حقنوا دماءهم، وأن قتلهم لا يحل، ومن أولئك القوم أبو قتادة - رضي الله عنه -، فأكبر القوم وزاد ذلك عنده أنه رأى خالد بن الوليد قد تزوج امرأة مالك بن نويرة ففارق أبو قتادة خالدًا، وقدم على أبي بكر ليشكو إليه خالدًا فيما خالف فيه، فرأى أبو بكر أن فراق أبي قتادة لخالد خطأ لا ينبغي أن يرخص فيه له ولا لغيره؛ لأنه يكون سببًا للفشل والجيش في أرض العدو، فاشتد على أبي قتادة ورده إلى خالد، ولم يرض منه إلا أن يعود فينخرط تحت لوائه (5)، وعمل أبي بكر من أحكم السياسات الحربية. وقد قام الصديق بالتحقيق في مقتل ابن نويرة وانتهى إلى براءة ساحة خالد من تهمة قتل مالك بن نويرة (1)، وأبو بكر في هذا الشأن أكثر اطلاعا على حقائق الأمور، وأبعد نظرًا في تصريفها من بقية الصحابة؛ لأنه الخليفة وإليه تصل الأخبار، كما أنه أرجح إيمانًا منهم، وهو في معاملته لخالد يحتذي على سنن رسول الله؛ إذ أنه عليه الصلاة والسلام لم يعزل خالدًا عما ولاه في الوقت الذي كان يقع منه ما قد لا يرتاح له، وكان يعذره إذ يعتذر، ويقول: «لا تؤذوا خالدا؛ فإنه سيف من سيوف الله صبه الله على الكفار» (2). إن من كمال الصديق توليته لخالد واستعانته به؛ لأنه كان شديدًا ليعتدل به أمره ويخلط الشدة باللين، فإن مجرد اللين يفسده ومجرد الشدة تفسده، فكان يقوم باستشارة عمر وباستنابة خالد، وهذا من كماله الذي صار به خليفة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولهذا اشتد في قتال أهل الردة شدة برز بها على عمر وغيره، فجعل الله فيه من الشدة ما لم يكن فيه قبل ذلك، وأما عمر فكان شديدا في نفسه فكان من كماله -في خلافته- استعانته باللين ليعتدل أمره؛ فكان يستعين بأبي عبيدة بن الجراح، وسعد بن أبي وقاص، وأبي عبيد الثقفي، والنعمان بن مقرن، وسعيد بن عامر، وأمثال هؤلاء من أهل الصلاح والزهد الذين هم أعظم زهدًا وعبادة من خالد بن الوليد وأمثاله، وقد جعل الله في عمر من الرأفة -بعد الخلافة- ما لم يكن فيه قبل ذلك تكميلاً له حتى صار أمير المؤمنين (3). وقد ذكر ابن تيمية كلامًا نفيسًا عن ذلك فقال: « ... كان أبو بكر خليفة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما زال يستعمل خالدًا في حرب أهل الردة وفي فتوح العراق والشام، وبدت منه هفوات كان له فيها تأويل، وقد ذكر له عنه أنه كان له فيها هوى فلم يعزله من أجلها بل عاتبه عليها؛ لرجحان المصلحة على المفسدة في بقائه، وأن غيره لم يكن يقوم مقامه؛ لأن المتولي الكبير إذا كان خلقه يميل إلى اللين فينبغي أن يكون خلق نائبه يميل إلى الشدة، وإذا كان خلقه يميل إلى الشدة فينبغي أن يكون خلق نائبه يميل إلى اللين ليعتدل الأمر، ولهذا كان أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - يؤثر استنابة خالد، وكان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يؤثر عزل خالد واستنابة أبي عبيدة بن الجراح - رضي الله عنه -؛ لأن خالدًا كان شديدا كعمر بن الخطاب وأبا عبيدة كان لينًا كأبي بكر، وكان الأصلح لكل منهما أن يولي من ولاه ليكون أمره معتدلاً، ويكون بذلك من خلفاء رسول الله الذي هو معتدل ) انتهى والله أعلم
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
31-10-2016, 05:13 PM | #2 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
جزاك الله خير
وجعله بميزان حسناتك
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|