معنى المصور في حق الله تعالى
المَعْنَى في حَقِّ اللهِ تَعَالَى:
قَالَ ابنُ جَرِيرٍ: «المُصَوِّرُ خَلَقَهُ كَيْفَ شَاءَ وَكَيْفَ يَشَاءَ».
وَقَالَ في تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ﴾ [الانفطار: 7، 8]؛ «أَيْ: صَرَّفَكَ وَأَمَالَكَ إِلَى أَيْ صُورَةٍ شَاءَ، إِمَّا إِلَى صُورَةٍ حَسَنَةٍ، وَإِمَّا إِلَى صُوَرةٍ قَبِيحَةٍ، أَوْ إِلَى صُورَةِ بَعْضِ قَرَابَاتِهِ»[8].
وَقَالَ الزَّجَاجُ: «المُصَوِّرُ هُوَ مُفَعِّلٌ مِنَ الصُّورَةِ، وَهُوَ تَعَالَى مُصَوِّرُ كُلِّ صُورَةٍ لَا عَلَى مِثَالٍ احْتَذَاهُ، وَلَا رَسْمٍ ارْتَسَمَهُ، تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا»[9].
وَقَالَ ابنُ كَثِيرٍ رجمه الله في مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ﴾ [الحشر: 24]؛ «أَيِ: الَّذِي إِذَا أَرَادَ شَيْئًا قَالَ لَهُ: كُنْ؛ فَيَكُونُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي يُرِيدُ، والصُّورَةِ الَّتِي يَخْتَارُ كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى: ﴿ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ﴾ [الانفطار: 8]، وَلِهَذَا قَالَ: (المُصَوِّرُ)؛ أَيِ: الَّذِي يُنَفِّذُ مَا يُرِيدُ إِيجَادَهُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي يُرِيدُهَا»[10].
وَقَالَ الخَطَّابِيُّ: «(المُصَوِّرُ) هُوَ الَّذِي أَنْشَأَ خَلْقَهُ عَلَى صُوَرٍ مُخْتَلِفَةٍ ليَتَعَارَفُوا بِهَا، فَقَالَ: ﴿ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ﴾ [غافر: 64].
وَقَالَ: التَّصوُّرُ التَّخْطِيطُ والتَّشْكِيلُ، ثُمَّ قَالَ: وَخَلَقَ اللهُ جَلَّ وَتَعَالَى الإِنْسَانَ في أَرْحَامِ الأُمَّهَاتِ ثَلَاثِ خِلَقٍ: جَعَلَهُ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً ثُمَّ جَعَلَهَا صُورَةً؛ وَهُوَ التَّشْكِيلُ الَّذِي بِهِ يَكُونُ ذَا صُورَةٍ وَهَيْئَةٍ يُعْرَفُ بِهَا، وَيَتَمَيَّزُ بِهَا عَنْ غَيْرِهِ بِسِمَاتِهَا: ﴿ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾ [المؤمنون: 14]»[11].
وَبِهَذَا يَكُونُ مَعْنَى (المُصَوِّرِ):
1- أَنَّ (الُمصَوِّرَ): هُوَ الَّذِي أَمَالَ خَلْقَهُ وَعَدَّلَهُمْ إِلَى الأَشْكَالِ وَالهَيْئَاتِ الَّتِي تُوَافِقُ تَقْدِيرَهُ وَعِلْمَهُ وَرَحْمَتَهُ، وَالَّتِي تَتَنَاسَبُ مَعَ مَصَالِحِ الخَلْقِ وَمَنَافِعِهِمِ، وَأَنَّ أَصْلَ (المُصَوِّرِ) مِنَ الصَوَرِ وَهُوَ الإِمَالَةُ.
2- أَنَّ (المُصَوِّرَ) هُوَ الَّذِي أَنْشَأَ خَلْقَهُ عَلَى صِوَرٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَهَيْئَاتٍ مُتَبَايِنَةٍ، مِنَ الطُّولِ وَالِقصَرِ، والحُسْنِ والقُبْحِ، والذُّكُورَةِ وَالأُنُوثَةِ، كُلُّ وَاحِدٍ بِصُورَتِهِ الخَاصَّةِ.
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|